Vol. 1 No. 4 (2016)

ملخص

يدور هذا المقال حول حقيقة النفس، وصلتها بالجسم، وغايتها، ومصيرها النهائي. إن النفس مبدأ الحياة والفكر معا. وهي حقيقة متميزة عن البدن وإن كانت متصلة به. وصعب أن نصف النفس على حقيقتها، لأن العلم محدود لمعرفة كنهها، ولذلك لم ينته النقاش حول حقيقتها. والإنسان منذ نشأته تواق إلى معرفتها، ويبذل قصارى جهده لإدراك كنهها، ليعلم الصلة بينها وبين الجسم، ويتبين مصيرها ومآلها.

      والنفس البشرية كمال لجسم طبيعي، وهي مجموعة من القوى: المنمية (وهي غازية ومربية ومولدة) يشترك فيها النبات والحيوان والإنسان. والنزوعية (وهي شهوانية وغضبية) يشترك فيها الحيوان والإنسان. والمدركة (وهي القوى الحاسة والمتخيلة)، وهي للإنسان والحيوان. والقوة الناطقة، وهي للإنسان فقط.

      وعلى الرغم من تعدد هذه القوى فالنفس واحدة لا تتجزأ بتجزؤ وظائفها، وإنما تستكمل حقيقتها بالقوة الناطقة. فقوى النفس كلها مرتبطة بالجسد غير منفصلة عنه، ولذلك النفس بوصفها وحدة مشكلة من هذه القوى تتوقف في وجودها على وجود الجسد، ولذلك يولي الفارابي أهمية قصوى للقوة الناطقة. فالنفس هو العقل عنده. وكل من ابن سينا وابن خلدون يفرق بين النفس والعقل. والنفس عندهما هي الروح. ويرى الرازي أن فقدان الجسد لا يعني فقدان وجود النفس، وإنما يعني عدم المعية مع الجسد. فالنفس عنده جوهر روحاني مستقل مفارق للجسد، تحس وتتخيل وتعقل، فلها وجود قبل دخولها في الأبدان وبعد مفارقتها منها.

Published: 2017-10-12

Articles